أن
تشعر بتحسن
أو
أن تشعر أنك أحسن
وما الفرق؟
أسمعك تقولها..
أكاد أسمع ظنك بأنك قرأت
العبارة خطأ..
أو أنه هناك خطأ طباعة..
الحقيقة انه بالفعل هناك
خطأ..
و خطأ كبير أيضاً..
ولكنه خطأ تفكير.. وليس
خطأ طباعة
الحالة التى تشعر فيها
بتحسن تختلف عن الحالة التى تشعر بها انك أصبحت أحسن.
تخيل معى مشهد انك لديك
موعد هام جدا.. اجتماع.. أو مقابلة شخصية.. أو مناقشة رسالة ماجستير..
وصادفت ان الطرق فى هذا
اليوم كانت مزدحمة للغاية ولا يبدو أنك ستصل فى موعدك المحدد..
وبدأت تتوقع ردة فعل
مديرك عند وصولك متأخرا عن موعد الاجتماع..
وتتذكر انها المرة
الثالثة التى تصل بها متأخرا خلال نفس الشهر..
أو تتذكر ردة فعل الشركة
التى انت بصدد المقابلة الشخصية بها.. وكيف انهم سيبنون عنك إنطباع بأنك غير جاد
وغير ملتزم.. وكيف ان ذلك سيحطم آمالك فى للوظيفة الجديدة المرجوة في هذه الشركة
الرائعة..
أو تجد نفسك اخر من سيدخل
قاعة مناقشة رسالة الماجيستير الخاصة بك بعد دخول اساتذتك ولجنة المناقشة
والحضور.. وتتخيل ماذا سيكون رأيهم عنك وكيف سيؤثر ذلك على أدائك أمامهم بكل هذا
الكم من التوتر وكيف سيؤثر ذلك على حكمهم عليك.
هل تخيلت معى المواقف
الثلاثة.. ؟
هل شعرت بكم الضغط
والتوتر الذى ستكون تحت تأثيرهم؟
هل تتصور معى كم انت قلق
فى سيارتك أو وشيلة المواصلات الان؟
جيد جدا..
فكر معى الأن..
ما هو الشيىء الذى يشغل
بالك كليا فى هذه اللحظة؟
أن تنهى الضغط والتوتر
الواقعي عليك؟
أم أن تنهى الظرف أو
الموقف المسبب لهذا الضغط والتوتر؟
هل لو اقترحت عليك الان
فى هذا الموقف ان تسترخى وتحاول عمل تمارين تنفس منتظمة و سماع موسيقى هادئة سيزول
الضغط وينتهى التوتر؟
هل لو عرضت عليك حبة من
المهدئات التى من شأنها ام تجعلك تدخل فى حالة هدوء واسترخاء وأحيانا تصل إلى
اللامبالاة.. هل سيزول الضغط وينتهى التوتر؟
الإجابة نعم
لا تظن اننى سأقول لك لا
لن تهدأ..
الحقيقة ان كل هذه الحيل
الذكية لمواجهة الضغوط قادرة على إزالة حالة القلق والتوتر وتخفيف الضغوط..
ولكن لفترة محدودة..
هى مسكنات للقلق
تعمل عمل الضباب الذى
يحجب شيئين عن بعض
أو تقوم بدور السور الذى
يعزل شيئين عن بعض..
لكن فى الحقيقة لا ينفى
وجودها
ولا يزيلهما.
لكن تخيل معى لو عرضت
عليك أحد الحلول الآتية:
أن تتصل بمديرك وتبلغه
بزحام الطريق وتطلب اذن تأخير لمدة نصف ساعة
وكذلك الأمر بالنسبة
للشركة التى تنتظرك.. يمكنك إرسال رسالة أو ايميل او تتواصل تليفونيا - أو جميع
هذه الأفعال - لتبلغم باعتذترك عن احتمالية التأخير و تصف لهم انك تبذل أقصى جهدك
للوصول فى الميعاد ولكن لاهتمامك تبلغهم بإحتمالية التأخير لمدة نصف ساعة مثلا.
هل سيجعلك هذا الحل تشعر
بأنك حصلت على هدنة؟
كذلك يمكنك اخذ طريق اخر
بديل للطريق المزدحم..
يمكنك أيضا ان تترك
سيارتك فى أحد الأماكن وتتوجه لركوب مترو الاتفاق.. لتفادى زحمة السير وبالتالى
تضمن ان تصل فى موعدك قدر الإمكان..
هل ستشعر أنك أجدت
التعامل مع الموقف؟
الإجابة هى نعم بالتأكيد..
فى المرة الأولى قمت
بتسكين الألم
ولكن فى المرة الثانية
تعاملت مع مسببات الألم
فى السيناريوهات
الافتراضية الأولى التى تعاملت فيها مع الموقف بمحاولة تهدئة نفسك بالتمارين
والموسيقى والتنفس السليم، قمت فيها بالتحكيم فى الأعراض..
ولكن لا يزال السبب
موجودا.
لا يزال مديرك ينتظرك
ويتوعد لك بسبب تأخيرك
ولا يزال الموقف السيىء
والانطباع السيىء الذى ستكونه الشركة الجديدة عنك واردا ومتوقعا
ولا يزال اساتذتك فى لجنة
المناقشة لرسالتك ينتظرونك ويتذمرون من تأخرك.. ولم يتغير شيئ.
بينما فى السيناريوهات
الثانية..
أنت تعاملت بذكاء
تعاملت من المرض وليس
العرض
لم تتعامل مع القشرة
وتركت الحميم يغلى..
تعاملت مع المسببات.. ولم
تكتفى بتهدئة الموقف فقط
وإنما قمت بتغييره..!
أخذت المبادرة تجاه تغير
الموقف لصالحك
ببناء سيناريو جديد قررت
أن ترسم حركات الابطال فيه بنفسك..
فبدلا من انتظارهم
لك وتذمرهم من الآن.
جعلتهم يتوقعون وصولك بعد
نصف ساعة
و جعلتهم يشعرون بمدى
حرصك وإلتزامك بدليل استياءك الشخصى من التأخير ومحاولة الاعتذار وطلب الأذن.
مما يعطى عنك انطباعات
رائعة.. ربما تتخطى التوقعات التى كنت ستحصل عليها فى الظرف العادى.
وبدلا من أن تتأخر.. غيرت
مسارك وأخذت طريق أخر.. أو استخدمت وسيلة وصول أخرى..
المشهد أعيد رسمه..
واأنت قمت بذلك..
كنت انت المخرج..
هذا صحيح..!
وليست الظروف والأحداث.
نعود لسؤالنا الأول..
ما الأفضل..؟
أن تشعر بتحسن
أو أن تشعر أنك أحسن ؟
الأن أصبحت قادر على فهم
الفرق بين المعنيين
وقادر على الإجابة بدون مساعدة
..
فى السيناريوهات الأولى
كنت تحاول جاهداً أن تشعر بتحسن وقد تنجح.. وقد لا تنجح.
وفى حالة أنك نجحت فى
الوصول للشعور بتحسن.. سيكون مؤقتاً للأسف
لكن فى
السيناريوهات الثانية..
أنت شعرت أنك بالفعل فى
حال أحسن وفى موقف أحسن.
وأصبحت أنت فى وضع أحسن.
وحصلت على مكاسب عديدة..
منها إزالة سبب التوتر..
ومنها إعادة بناء
التوقعات منك ..
ورسم انطباعات جيدة عنك
بنفسك.
أنت الأن حرفياً أحسن..
أنت لا تشعر فقط بتحسن
بل أنت بالفعل أحسن
فى موقفك وفى وضعك الحالى
أنت فى زاوية افضل..
إحرص دائما على أن تكون
فى الزاوية الأفضل لتكون بالفعل أفضل وأحسن
لا تسكن أعراض مؤلمة..
ولا تخفى شعوراً بالضيق..
ولا تتناسى مشاكلك..
ولا تتعاضى عن عيوبك..
لا تقبل بوجود الأعراض
كضيف متطفل فى حياتك وتقف مكتوف الأيدي أمامها وكل ما تفكر به هو كيف تشعر بتحسن فقط..
وكيف تزيحها عن منطقة
الوعى والادراك اللجظى.
بل كن كجراح..
تعامل مع الأسباب.. وقم
بازالتها دون تردد..
فقط تمهل فى الفحص والكشف
عن جذور المشكلة..
وبعد التأكد.. لا تأخذك
بها رحمة
. وقم بإزالتها
لا تتعايش مع عيوبك..
ولا تتصالح مع مشاكلك..
لا تقنع نفسك أنها أقدار
لا يد لنا فيها..
الفرق كبير
بين المشاكل والأقدار
كذلك الفرق كبير بين أن
تشعر بتحسن.. أو أن تكون احسن.
No comments:
Post a Comment